[align=cente
r]
.
.
قبيل أذان الفجر بأقل من ساعة ,,
كانت أطراف عباءتي تحتضن الهواء البارد من تسبيح الملائكة ..
ولعبقرية ابنة عمي العزيز التي جعلتنا نمشي ما يقارب الـ 20 دقيقة !!
بعد أن كنا نعطس العشر دقائق فنصل .. [/align]
[align=right]صدح صوت الحق من مئذنة المسجد النبوي الشريف ..
فغمرتني سكينة خاصة جداً أدخلتني في عالم مختلف ..
لألتفت لابنة عمتي التي تمشي بجانبي في هدوء غير معهود من كلتينا ،
خرج صوتي ممتزجاً ببحة النعاس الذي غادر أهدابي مكرهاً ليستقر بحنجرتي !! : ما هو شعورك الآن وأنت تطوي المسافة قاصدة حرم الرسول الأكرم ؟؟
فأجابتني كمن توقعت سؤالي لها قبل أن أتلفظ به : بالراحة والطمأنينة طبعاً ..
أنـا باستغراب: بس؟؟ ..
أردفتْ: إيه يعني أحس إني مستانسة ومرتااااااااحة ..
وأنتي شنو شعورج وانتي تطوين المسافة على قولتج ؟؟
فأجبتها بنشوة ممزوجة بالشوق: شعوري لم استطع تحديده بعد
ولكني في كل نفس أتذكر رسول الله
فأبتسم بأني شاركت الحبيب محمد أنفاس يثرب !!
وفي كل خطوة أخطوها يحدثني قلبي بأن قدمي قد تطأ أثر قدمي الرسول
أو الإمام علي أو أهل البيت(ع)..
فيصلني بعض من آثار الرحمة التي جاءوا بها !!
وعندما أدخل صحن الحرم أكون متأهبة لتحملني أجنحة الملائكة ..[/align]
[align=left]كان البقيع حين وصولنا متلفعاً بالحزن ..
بدأنا في الاستئذان ..
بداية عتبات باب الإمام علي (ع)، وخوف يراودني بين حرف وحرف ..
ماذا سيقول لي الرسول حينها ..
هل سيقبلني مريضة كما قبل ذاك الطبيب !! [/align]
[align=center]
أم سيطردني فتتبعني لعنة الملائكة المحدقين المسبحين ؟؟!!
قشعريرة سرت في جسدي وانتفض قلبي لمجرد تخيل
رفض الرسول لأنـأي البائسة من الدخول إلى الرحمة الواسعة !!
فبثت دموعي شغف لقاء ..
ونطقت بقاياها على ذقني المرتجف أني قد أتيتكـَ أيها الحبيب من مشقة بعيدة ,,
أتيتكـ و بداَخلي عِدة وعَتاَد اشتياَق ,,
ووقفت أمام عتباتكـ وبداَخليَ وجع زاد عن الحد ينتظر يدكـ الرحيمة
تمررها على قلبي فتمسح عنه كل حَزَنْ .. [/align]
[align=right]بسملت ,,
وبدأت أرقى العتبات فاستوقفتني
يدٌ تمنعني من الدخول إلا بعد أن تفتش حقيبتي
ولهجتها الجافة : " معك جوالـ؟ " صمتت وتركتها تبحث عما تريده
ورحت أتأملها وسؤال يدور في داخلي : " هل ابتسمت هذه يوماً ؟؟
كيف تعامل هذه أهل بيتها ؟؟ " ..
بقيت أرقبها وهي تفتش
وكأن بداخل حقيبتي قنبلة وليس هاتفاً !!..
عندها لم استطع السكوت
فقلت لها واستنكار ممزوج بصوتي : ترا آنا خليجية مثلج ..
رفعت رأسها عن حقيبتي لتتأملني وتقول : حنا ما عندنا فرق كلنا مسلمين ..
فقلت : ولأننا مسلمين فنحن نعرف آداب دخول المسجد النبوي ..
لم تحاججني وأكملت تفتيشها ولما فشلت في إيجاده من جهة ،
وازدحم المدخل بالزائرات من جهة أخرى ،
تركتني لتمسك بإيرانية تمارس عليها طقوس تعسفية
عانت منها الكثير في طفولتها البائسة ربما ؟؟!!
فدخلتُ بهدوء وثمة هيبةً تخجل طرفي فأطأطئ !![/align]
[align=center]ثلاجات الماء المبرد وغير المبرد اصطفت عند جميع الممرات ؛
فبدأت بتلاوة دعاء شرب ماء زمزم رغم أن الدعاء خاص لأعمال العمرة !! ..
بعدها انخرطنا في صفوف المصلين وبقينا حتى الساعة السابعة والنصف ..!! [/align]
[align=left]وقفت مع بنات عائلتي أمام الباب
الذي سيوصلنا لقبر الرسول الأعظم وبضعته البتول..
تململت الكثيرات ..
وتراجعت بعضهن فعدن أدراجهن من حيث أتين وقلوبهن قابعة حيث كنّ..
انفتحت الأبواب المغلّقة ....
( التي كلما رأيت مدى اتساع الحرم النبوي وكثرة أبوابه دعوت الله في قلبي أن: ضيق عليهم كما ضيّقوا على زوار حبيبك يا إله العالمين ) مشيت وعائلتي ببطء خارج الزحام ودموعي تتدافع مع تدافع النساء.. لعظيم ما يفعلوه .. [/align]
[align=center]مشينا مع الجمع حتى استوقفتنا اثنتين عند مدخل بيت النبي وفاطمة عليها السلام ..
بدأنا بالاستئذان لزيارة النبي والسيدة الزهراء الممزوجتين
مع بعض الأبيات الحسينية لملا عطية الجمري
في عرض لبعض مآسي الزهراء (ع) :
( لا تلومني لو هاجت أحزاني يسلمان .... جنك ما تدري بالذي فعلته العدوان)
والتي زادت من اللوعة التي نحملها بداخلنا أضعافاً..!!
وبعد مدة زادت على نصف الساعة ..
سُمح لنا بالدخول ..
فانفرط الوصل بيننا ..
وكان لكل واحدة منا مراسيمها الخاصة مع الرحمة المنزلة .. [/align]
[align=right]قابلتني الجدران ومكتبة احتضنت رسالة السمــــــــــاء على رفوفها ..
ونساء غلاظ يستندن على الجُدر يمنعن
أية يد تمتد لمبايعة الرسول أو مصافحة بضعته .. [/align]
[align=center]بعد بثّ الحبيب محمد ما اختلج في قلوبنا من همّ وأمنيات للأحبة في الديار ..
كانت ابنة خالتي تقف ورائي وتهمس في أذني : أين قبر الرسول الآن؟؟
فأشرت لها للمنبر الذي قبّل أقدام الرسول ولثم عباءته ..
وبين القبر الذي غيبت معالمه لغلٍّ ملأ قلوب الحاقدين ..
ومن ثم أشرت لها على بيت فاطمة .. فاتضحت لها المعالم قليلاً..
فاستدركت وأين الروضة ؟؟
فقلت لها : بين المنبر والقبر ..
دعينا نتقدم قليلاً للصلاة ركعتين ..
بعد انتظار كنا فيه من أشد المهتمين لعدم مزاحمتنا لزوار النبي ..
انفرجت لنا مساحة صغيرة تكفي لواحدة فقط ..
فأمرت ابنة خالتي بالصلاة وسأتبعها عقب انتهاءها ..
وكنت حينها أفكر هل يعقل أن مكاننا هذا قد صلى فيه أمير المؤمنين علياً !!
أو الحسن والحسين ؟؟!!
فرغتْ وتنحت للخلف قليلاً فكبرتُ أنا وفي الركعة الثانية
فوجئت بإحدى الزائرات المتعجرفات ترفع عقيرتها بأني
قد أخذت وقتاً طويلاً !
فدفعتني بجثتها التي تفوقني بثلاث مرات ،
مال ثقلي على المرأة التي بجانبي وفي قلبي غصة: بأني لست بأحسن من بضعتكــَ يا محمد !! [/align]
[align=left]فاستنكرت بعض الأخوات فعلها ولاموها ..
أكملتُ الركعتين بشهقة التكبير واعتذرت من المرأة التي بجانبي ..
فشدت على كفي مع ابتسامة رقيقة : لستِ المذنبة ..
نسألكـِ الدعاء .. [/align]
[align=center]خرجنا ..
وحسرة ممزوجة بغصة زادت أضعافاً قبل دخولنا ..
انتظرنا البقية حيث اتفقنا .. تجمع أغلبنا وبقينا ننتظر أمهاتنا ..
فهمست: سأصلي ركعتين ريثما يخرجن ..
وتوجهت حيث ابنة عمي مع طفلتها ..
اقتربت وإذا بسواد يعترضني ويدعوني للخروج !!
أشرت حيث ابنة عمي وأجبتها أني معها وسأصلي ركعتين
ريثما تصل أمهاتنا من الداخل ..
فأجابتني من تحت نقابها : قلتْ لك برا ,, صلي براا ..
هممت بالرد عليها لأفاجأ بيد تسحبني فتبعدني عنها ..
ولكن لأني كما تقول أمي : محد يسلم من لسانج ..
نفضت يدي من ابنة عمتي وخاطبتها ونظري على
صاحبة العيون الجاحدة تلك: منو هذي حتى تمنعني
أو تمنع غيري من الصلاة هني ؟؟
ترانا ما خلينا أهلنا وديرتنا ويينا هني لسواد عيونهم ..
وصلت رفيقتها في الظلم والجبروت ..
( قالت لك صلي برا.. وإلا نسحبك للمكتب )
تأملتهما قليلاً..
ثم همست بأسى : شنو أقول وأنتوا رسول الله اللي هو رسول الله عليتوا قلبه ..
وما رعيتوا أهل بيته ..
وابنة عمتي ترص على أسنانها وتهمس : بس يا ...... تعوذي من إبليس وخلينا نطلع ..
وأنا أرد عليها : لا صج لا يكون تفكر هذا بيتها .. !!
سحبتني فخرجنا ودموعي كلما مسحتها تعاود حجب رؤيتي ..
وابنة عمتي تحدثني: بس ما يسوا عليج خليها تولي ..
فأجيبها وسط دموعي المنسكبة بهدوء محترق: لا تفكريني أصيح على
هالــخياس لا والله ما تستاهل دموعي ..
لكني تذكرت فاطمة الزهراء وسحب الظالمين لعلي ملبباً بنجاده !!
غشينا هدوء ذليل بعد عبارتي تلك ..[/align]
[align=left]واسترحنا على السجاد الأحمر نمسك
في أيدينا كأساً ممتلئ بماء زمزم نطفئ به حرارة الظلم في جوفنا ..
قابعين بزاوية في انتظار البقية قرب باب الخروج ..
للعودة للفندق ..
فلنا عند الرابعة من عصر اليوم مع بقيع الأحزان تجديد بيعة .. [/align]
